لا مراء أن هناك تغييرا حاصلا في المشهد الإعلامي التونسي بعد إطاحة انتفاضة الشعب بالرئيس السابق بن علي حيث نلحظ بوادر انعتاق لهذا الإعلام من النمطية واللغة الخشبية التي ألفناه عليها خلال العهد السابق عهد تشديد القبضة من حديد على كل المنابر الإعلامية تقريبا. إذ أضحينا اليوم نسمع اصواتا من مختلف الاتجاهات الفكرية والإيديولوجية والتي كانت ممنوعة وربما منبوذة من الإعلام الوطني تأخذ نصيبها من الظهور وتعبر بكل حرية عن ارائها ومواقفها. بيد أن هذا الانعتاق الإعلامي في ما بعد ثورة الشعب في الواقع نلحظ انه مازالت تسري فيه أنفاس النظام السابق وتتحكم في بعض فصوله بحكم أن الادراة الحالية القائمة على هذه المؤسسات مازالت نفسها التي عرفت بولائها للنظام البائد وبقاياه الذين مازال البعض منهم يتحكم في دواليب الدولة ومؤسساتها وأجهزتها، ثم أننا في مرحلة انتقالية يصعب معها القطع النهائي مع المرحلة السابقة ولا يمكن المرور من الأسود القاتم مباشرة إلى الأبيض الناصع، ولهذا نأمل أن تكون المرحلة القادمة مرحلة تحرير فعلي للإعلام من كل المكبلات والقيود وذلك بعلاقة مع ما ستفرزه الساحة السياسية هي أيضا من تغيرات نحو مشهد سياسي جديد يتسم بالديمقراطية واحترام حرية الرأي والتعبير. وهذا ما سيفتح الباب على مصراعيه لظهور تعددية إعلامية حقيقة برؤى مختلفة ومتنوعة من شأنها أن تخلق فضاء رحبا للمنافسة تعطى فيه الفرصة لكل الكفاءات حتى تبدع أكثر وتسهم في النهوض بقطاع من أهم القطاعات المحركة والمؤثرة في البلاد وهو الإعلام.
شادية السلطاني
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire