محافظ البنك المركزي مصطفى النابلي لمنتدى الثورة: الاقتصاد التونسي بعد الثورة عرف فقط انكماشا وليس انهيارا
الاحزاب السياسية ليست لها برامج اقتصادية واضحة
لا علم لي بمكان وجود ودائع صدام حسين لبن علي ولا يعني ذلك انها غير موجودة....
"قيمة القروض التي قدمت للعائلة الحاكمة حتى موفى ديسمبر 2010 بلغت 3 مليار دينار وهي قروض لمؤسسات راجعة لهؤلاء الاشخاص البعض منها تحصلوا عليه بطرق عادية والبعض الاخر بامتيازات وغير ذلك... هذه القروض وجدنا انها تتضاعف كل سنة مما يعني ان نسبة الفساد اخذت مستواها الرهيب وبالتالي ما صار خلال الثلاث سنوات الاخيرة اصبح غير عادي وواضح للعيان وتزامن ذلك مع تزايد نسبة البطالة سيما في صفوف حاملي الشهائد العليا وكيف ان عملية الحصول على الشغل اصبحت تقتضي الدخول في منظومة الفساد عبر الرشوة والوساطة والتحيل وغيره بالاضافة الى ذلك اقبال التونسي على استعمال التكنولوجيات الحديثة في السنوات الاخيرة ساهم في الدفع نحو الاحتجاج والقيام بالثورة على هذا الوضع بيد اننا لا نستطيع القول ان الموضوع هو اقتصادي بحت بل هو في ترابط بين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي" هذا ما قاله محافظ البنك المركزي التونسي السيد مصطفى النابلي في الجزء الاول من مداخلته المتعلق بالبحث في الاسباب التي ادت الى اندلاع الثورة من الناحية الاقتصادية خلال الندوة التي نظمها منتدى الثورة بمركز التميمي للبحث العلمي والمعلومات في موفى الاسبوع الفارط والتي حضرها عدد هام من الحقوقيين والجامعيين والاعلاميين.
اما عن تأثيرات الثورة على الجانب الاقتصادي فقد اشار السيد النابلي الى انه
ومنذ بدايتها انهار القطاع السياحي اذ سجلنا تراجعا من 50 الى 60 بالمائة كذلك حصل الانهيار في السوق المالية البورصة اما بالنسبة للتجارة الخارجية فقد عرفت تراجعا كبيرا في الصادرات والواردات سيما في شهري جانفي وفيفري من جانب التجارة بأنواعها اذ وصل التقلص الى 12 بالمائة وهو ما اثر بدوره على قطاع الخدمات الا انه في شهر مارس تراجع هذا التقلص الى 5 بالمائة حيث عادت الصادرات من الصناعات المعملية والكهربائية والميكانيكية وصناعة الملابس والصناعات الغذائية بنسق طيب واحسن بكثير مما كنا نتصور. غير ان ما عرفناه من انكماش ودائما حسب قول محافظ البنك المركزي كان له تاثيرا على الاحتياطي من العملة الصعبة حيث خسرنا حوالي 3 مليار دينار من هذه العملة وذلك خاصة بسبب التراجع الكبير للاستثمار الخارجي. اما نظام الدفوعات فبقي خلال الثورة يعمل بشكل طبيعي ولم يتزعزع رغم تزعزعه في كل البلدان تقريبا التي عرفت ثورات وهذا من الهام والهام جدا كما كان الجميع يخاف ايضا ان ينكمش نظام القروض غير انه عاد سيما في الشهرين الاخيرين الى نسقه العادي هذا ايضا هام جدا زد على ذلك البوادر الطيبة للموسم الفلاحي. اكد بذلك السيد النابلي انه بعد الثورة وقع انكماش للاقتصاد وليس انهيارا وذلك لاسباب ظاهرة للعيان واخرى غير ظاهرة من الاسباب الظاهرة عدم استقرار الوضع الامني فالكثير من المؤسسات وقع اتلافها وحرقها وضاع انتاجها كما تأثر القطاع السياحي الى جانب المشاكل الاجتماعية، الاضرابات، الاعتصامات، اقتحامات للمؤسسات مما عطل من سير عملها وكل هذا اثر على تقلص الانتاج يضاف اليه مشكل ليبيا وعدم الاستقرار على حدودنا مما ساهم في تضرر التعامل التجاري والجاذبية السياحية معها ولولا ذلك لما بدأ قطاعنا السياحي يستعيد عافيته.
هناك عوامل اخرى ضخمت هذه التأثيرات وغير واضحة للعيان ومنها الطلب الداخلي الذي انهار بشكل كبير سواء فيما يتعلق بالاستثمارات او استهلاك العائلات ويعود ذلك الى عدم وضوح الرؤية وعدم الاستقرار وعدم الثقة في المستقبل وهذه العوامل للانكماش الاقتصادي وغير الظاهرة للعيان وحسب كل التحاليل الاقتصادية اخطر من تلك الظاهرة لانها قد تتواصل.. ولهذا يرى السيد مصطفى النابلي ان استعادة اقتصادنا لعافيته لا يكون اولا الا باسترجاع الثقة الداخلية للمواطن فكيف لمستثمر مثلا ان يثق في الاوضاع الداخلية غير المستقرة وهذا في ربط مع الجانب السياسي فله دوره الهام لانه عندما يكون واضحا سيدعم الثقة في المستقبل وقد قامت الحكومة بخطوات دعم لعودة هذه الثقة في النفوس منها وضع بعض الحوافز للمؤسسات، رصد تعويضات مالية للمؤسسات المتضررة، ايضا اهمية دور المجتمع الدولي في دعم هذا المسار ماديا ومعنويا وقد سمعنا تاكيدات قوية في اجتماع قمة الثمانية على دعم تونس بكل الوسائل.
في الجزء الاخير من مداخلته الذي خصصه السيد النابلي للافاق المستقبلية قال انه
خلال 40 سنة الماضية نسق نمو اقتصادنا كان متوسطا ولم تكن تونس يوما تلميذا ممتازا..بل كان وضعها افضل في مجموعة ضعيفة من الدول اذ بقيت نسبة النمو الاقتصادي في مستوى 5 بالمائة وليس هناك أي بلد تتطور بهذه النسبة على الاقل يجب الوصول الى نسبة 7 بالمائة ليكون هناك التطورالذي يمكن ان يستجيب لمواطن شغل بالمستوى المطلوب وبالنوعية المطلوبة سيما وانه خلال السنوات العشرة الاخيرة وربما حتى القادمة شهدنا وسنشهد زيادة كبيرة في طلبات الشغل. وعموما منذ الستينات دخلت تونس في نظام مراقبة وتكبيل الاقتصاد ومن ذلك الحين لب النظام الاقتصادي لم يتطور فهو يحد من المبادرة. وعليه يجب ان نستغل الفرصة التي اتاحتها الثورة لتجاوز هذه الصعوبات بأن نجعل من تركيز الديمقراطية تركيزا لثقة المواطن التونسي كفرد وكمؤسسة ولا يمكن ذلك ان يكون الا بالمسار الديمقراطي الناجح يكرس احترام القانون وتجاوز مشاكل الفساد الى غير ذلك، ايضا التداول على السلطة الديمقراطية لا يجب ان يخلق عدم استقرار اقتصادي فالتداول مطلوب لكن يجب ان يكون مسؤولا وليس حسب شهية البعض.
فيما يتعلق باجابته عن عديد الاسئلة من الحضور ذكر محافظ البنك المركزي انه ومنذ 40 سنة مستوى النمو الاقتصادي في تونس لم يكن اكثر من مصر مثلا، وغير ذلك من تمجيد لمكانة الاقتصاد هو اختراع تونسي يعني هناك كذب في الكثير من الاحيان في التقارير الدولية الممجدة لاقتصادنا كما ان العديد من تصريحات الشخصيات الدولية المتعلقة بالثناء على اقتصادنا والتي نجدها على صحفنا لا اساس لها من الصحة وهي من باب الافتراء على هذه الشخصيات اما فيما يخص علاقة الديمقراطية بالنمو فليست حتمية تستطيع الديمقراطية ان تمكن من النمو الاقتصادي اذا تمكنت من حسن الحوكمة ومن ضمان الشفافية وخلق القضاء المستقل والعادل لأنه لا يكفي ان يكون القضاء مستقلا يجب ان يكون ايضا عادلا، من الضروري كذلك ايجاد فرص استثمار وحسن توزيعها لحل مسألة البطالة حيث وصلنا الى 150 الف طالب شغل من اصحاب الشهائد العليا. اذن يجب ان نركز نظاما ديمقراطيا يفضي بنا الى نتائج جيدة اما عن سؤال تعلق بعلاقة تونس بأروبا وفشل اتفاقيات الشراكة قال السيد النابلي ان نجاح هذا البرنامج مبني على السياسات الاضافية الاخرى ومن سوء حظ تونس ان الاصلاحات الموازية التي يجب ان تقع لم تقع...فمشكلة الغرب هي الهجرة غير الشرعية ولهذا يريدون التقليص منها وذلك عبر خلق مواطن شغل في البلدان التي يتدفق منها المهاجرون السريون، عن طريق التجارة والتصدير والاستثمار لخلق حركية اقتصادية وما فتح السوق الاروبية والتونسية الا تدعيما لذلك ولينتج عن هذه السياسة زيادة في نسق الاستثمار الداخلي لكنه بقي ضعيفا اذ ان التوريد من الصين بقي خاضعا للضرائب الديوانية مما فتح المجال الى الالتجاء للفساد للتهرب من هذه الضرائب وهذا خطأ من النظام السابق اذ لا بد اذا فتحت البلاد تجارتها مع اروبا ان تفتحها مع كل العالم، بالنسبة لعديد الاسئلة المتعلقة بمشاركة تونس في قمة الثمانية وكان السيد النابلي من بين المشاركين في هذه القمة في دوفيل اكد ان الاتصال الذي وقع مع مجموعة الثمانية لا يتعلق بالمفاوضات فتونس قدمت برنامجها الاقتصادي وهاته الدول قالت انها منحازة لهذا المسار ومستعدة للدعم ولكن لم ندخل في تفاصيل هذا الدعم والذي سيكون عن طريق بنوك التنمية التي ستضع 20 مليار دولار على ذمة تونس ومصر على مدى 3 سنوات وليس هناك اي اتفاق على نصيب تونس بالتحديد من هذا الدعم اما فيما يخص دعم البلدان قال ساركوزي انها بقيمة 20 مليار دينار لكن لم يقع الحديث عن الشروط لان قمة مجموعة الثمانية ليس من مشمولاتها الدخول في التفاصيل تعطي فقط الخطوط الكبرى ومن هنا لشهر جويلية القادم ستقع نقاشات وبلورة ما اتفق حوله المهم ان ما سيطرح من شروط لن يكون نابعا الا من ارادتنا ولا يمكن ان نقبل شروطا غير مقتنعين بها. كما اشار السيد النابلي الى الاحزاب وانتقد برامجها وقال ان اكثرها اجتماعية فقط في المقابل هذه الاحزاب ليست لها برامج اقتصادية واضحة فكيف بالتالي ان تجسم ما تدعو اليه على المستوى الاجتماعي دون العمل على النهوض بالاقتصاد. وفي اجابة عن سؤال عن التحويلات المالية من عمالنا بالخارج لتونس اكد انها هذه السنة اقل من السنة الفارطة ب10 بالمائة رغم انه تقريبا كل بلد يعرف ازمة اقتصادية داخلية نتيجة زلزال فيضانات او غيرها المواطنون بالخارج يرفعون في قيمة تحويلاتهم اما نحن في تونس ورغم ما رأينا وسمعنا من كلام من عمالنا بالخارج فاننا سجلنا تقلصا في تحويلاتهم. واخيرا وفيما يتعلق بسؤال عن ودائع صدام حسين للرئيس المخلوع بن علي من نقود وذهب خصوصا بعد رواج اخبار مفادها هروب ليلى بن علي بكميات كبيرة جدا من الذهب الذي اودعه صدام حسين لبن علي قال السيد مصطفى النابلي ان هذه الودائع لم يرها وليس له أي علم بمكان وجودها ولكن لا يعني ذلك انها غير موجودة...
شادية السلطاني
جريدة الرسالة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire