اتصالات تونس: بؤرة اخرى من بؤر الفساد تأبى الرجوع عنه
الشريك الاماراتي يقترح الزيادة في الاجور مقابل التخلي عن مطلب تفكيك خلية الفساد بالشركة والحكومة متهمة بعدم السعي لحلحلة الازمة
لقرابة الشهر تواصل اعتصام اعوان واطارات شركة اتصالات تونس وكما يقول هؤلاء لم تكن الغاية من اعتصامهم الزيادة في الاجر او تحسين ظروف العمل بل لتطهير هذه المؤسسة وتضميد جراحها من نزيف الفساد الذي نخر كل جسدها فعصابة الفساد في بلادنا من عائلة الرئيس المخلوع واصهاره وكل من لف لفه لم تترك هذه الشركة وشأنها كما هو الحال لبقية المؤسسات الكبرى في تونس دون ان تضع عليها بصمتها تتدخل في تفاصيل تفاصيلها وتتلاعب بأموالها أو بأموال المجموعة الوطنية عبر تنصيب خلية تابعة لها تأتمر بأوامرها وتعبد لها الطريق امام مزيد جني الملايين او المليارات ومزيد اغراق الشركة اكثر فأكثر وادخالها بقوة في منظومة متكاملة من السرقة والنهب نسجت خيوطها هذه العصابة وباتت امرا واقعا لا يخلو منه أي قطاع في تونس ومن ثم الاستغناء شيئا فشيئا عن بعض اعوانها وكوادرها لتصبح بيد كمشة من المتنفذين ممن عينوا من فوق..من القصر الرئاسي والمعيار في ذلك التعيين لا الكفاءة ولا التفاني في العمل بل شهادة في اتقان لعبة الفساد والامضاء على صك الولاء المطلق لأولياء النعمة مسلمة من العائلة الحاكمة ولهذا كان سبب الاعتصام بالاساس رجوع الادارة عن تطبيق النقطة العاشرة من محضر جلسة عقدت يوم الاربعاء 9 فيفري 2011 اذ وقع الاتفاق خلالها وبموجب هذه النقطة العاشرة على ايقاف جميع المتعاقدين عن العمل من اصحاب الاجور المرتفعة لانها تتجاوز نظام التأجير المعمول به بالنظام الاساسي الخاص بأعوان الشركة.
يقول المعتصمون من شركة اتصالات تونس ان مكمن الداء في شركتهم هي تلك الخلية المتكونة من متعاقدين يتجاوز عددهم الستين يتقاضون اجورا خيالية تصل الى اربعين الف دينار مقابل خدمات عادية لارتباطهم بعائلة الطرابلسية وبخلايا داخل وزارة الداخلية ولهذا كانت الثورة فرصة لتغيير الوضع بهذه الشركة ومحاولة تطهيرها بيد أن الامر حتى بعد الثورة بقي على حاله ولم يتغير أي شيء وربما ما زاد طينة هذا الوضع بلة تمسك الشريك الاماراتي الذي يملك 35 بالمائة من اسهم الشركة بهؤلاء المتعاقدين وهو ما رأى فيه بقية الاعوان والاطارات تدخلا صارخا في شؤون الدولة التونسية واصرارا من هذا الشريك على غض الطرف عن هؤلاء.
في المقابل ترى اطراف اخرى انه من بين المتعاقدين هناك كفاءات لا يمكن الاستغناء عنها وهذا الاعتصام في الحقيقة غاياته تحسين الاجور كي لا يبقى ارتفاعها حكرا على مجموعة دون اخرى بالاضافة الى ان البعض استغل تسونامي الاعتصامات والاحتجاجات ليدخل في عطلة مفتوحة عن العمل... وهذا الكلام يفنده بشدة المعتصمون حيث افادوا ان هؤلاء المتعاقدين يعدون كغيرهم من زملائهم ولا يتفوقون عليهم في شيء بدليل انهم استقالوا من الشركة وعادوا كمتعاقدين ولكن في نفس خططهم السابقة كما ان الشريك الاماراتي عرض عليهم الزيادة في اجورهم مقابل التخلي عن مطلبهم بيد ان الطرف النقابي رفض ذلك زد على ذلك ان الاعتصام حرك بعض الجهات للبحث في ملف الفساد بالشركة واكتشفوا ملفات عدة تؤكد الاتهامات الموجهة لاصحاب الاجور الخيالية وهنا يتهم المعتصمون الحكومة بعدم النظر في ملف ازمة الشركة بجدية ومحاولة حلحلته.
اذن بين هذا الرأي وذاك وبين التجاذبات بين الطرفين الاداري والنقابي ودون الخوض فيما تمت خسارته و ما تم ربحه على حساب المواطن البسيط تبقى شركة اتصالات تونس ضحية من ضحايا الفساد المالي والاداري الذي غرقت فيه البلاد حتى النخاع في النظام البائد ولا سبيل لرأب هذا الصدع الا بارساء اسس مجتمع ديمقراطي يكرس حرية نقد كل التجاوزات ووضع الاصابع على مكامن كل داء حتى يتيسر علاجه.
شادية السلطاني
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire