اجواء من المرية وعدم الثقة في المستقبل باتت تطبع المشهد التونسي اكثر فأكثر خلال هذه الفترة سيما بعد الحركة القضائية الاخيرة وترقية بعض القضاة من المحسوبين على النظام البائد بالاضافة الى الافراج عن وزير العدل الاسبق البشير التكاري رغم مسؤوليته المباشرة عما عرفه جهاز القضاء من فساد وتبعية للنظام البائد ووصف قرار الافراج عنه بانه قرار سياسي بامتياز ناهيك عن فسح المجال لهروب بعض الرموز الاخرى التي عاثت في البلاد ما لذ لها وطاب من استغلال للنفوذ واغتناء على حساب عرق المفقرين والمهمشين وهو ما حرك من جديد نعرة الغيرة على الثورة والح على ضرورة استكمالها لتحقق اهدافها في القضاء على جيوب الردة والعودة بالبلاد الى مستنقع الدكتاتورية وسلب الحريات والدوس على الكرامة...
التحركات الشعبية الاخيرة المنادية بتطهير البلاد وبجملة من المطالب السياسية والتي دعت اليها بعض الحساسيات السياسية كحركة "الوطنيون الديمقراطيون" وحزب الطليعة العربي وانضم اليها الكثير من الغيورين على مصلحة البلاد بعيدا عن اي انتماء فكري او ايديولوجي لم تنطلق هذه المرة من ساحة القصبة او ساحة النصر كما سميت خلال اعتصامي القصبة 1 و2 كما تعودنا ربما لاسباب امنية على اعتبار ما شهده المكان مؤخرا من عودة بقوة لالة القمع البوليسي التي خال الجميع انه طلقها بالثلاث بعد الثورة وهروب الرئيس المخلوع بن علي الرمز الاول للقمع والطغيان...لم تنطلق ايضا التحركات من ساحة حقوق الانسان بشارع محمد الخامس بالعاصمة اين ابى بعض الشباب فك اعتصامهم وقد سموه باعتصام المصير الى ان يطمئنوا على مصير البلاد بل اتخذت لها مكانا اخر وهو بطحاء محمد امام مقر اتحاد الشغل بتونس وهو المكان الذي لطالما شهد على نضالات النقابيين الشرفاء ووقوفهم في وجه سياسة الاستبداد والفساد.
وربما لاختيار المكان ايضا رمزية عل اتحاد الشغل هذه المنظمة العريقة وذات الوزن الثقيل والقادرة على تحريك الاوضاع وتغييرها تقف مرة اخرى الى جانب الشعب لانقاذ الثورة من براثن ازلام النظام السابق او قوى الثورة المضادة التي مازال بحوزتها المال الذي غنتمه طيلة عقود من جيوب البسطاء الى جانب ما تحظى به من دعم غربي وعربي من الجهات التي لا تستسيغ فعل الديمقراطية في بلادنا دون ان تتدخل في صياغته وخياطته عى مقاسها...
خلال هذه التحركات والمسيرات المنطلقة من بطحاء محمد علي الى المسرح البلدي بالعاصمة رفعت شعارات عديدة منها "الشعب يريد اسقاط النظام" الشعب يريد قضاء مستقلا" "الاحرار معتقلين والمجرمين فارين" الى ما هنالك من الشعارات التي وان اختلفت مفرداتها فإن مضمونها واحد لا للعودة الى الوراء نعم لمحاسبة جدية لكل رموز الفساد حتى ان الفنانة الملتزمة ابنة فلسطين الجريحة ريم البنا نزلت الى الشارع يوم الاربعا 10 اوت 2011 وانضمت الى المتظاهرين بعدما سمعت هتافاتهم من نافذة غرفتها في فندق مقابل للمسرح البلدي حاملة شعار"لا للاستبداد يا حكومة الفساد" كيف لا وهي من اكثر العارفين بقيمة الحرية والتائقين لها وللانعتاق من الجبروت والظلم...
هذا النبض الذي عاد للشارع التونسي من جديد بعدما وقف عليه الجميع من سياسة يلفها الغموض لحكومة الباجي قايد السبسي وبعيدة عن تطلعات الشعب مع عودة تدريجية لبقايا الرئيس المخلوع للسيطرة على مجريات الامور والتحكم سيما في قطاعي القضاء والاعلام واخضاعهما كما في السابق للاملاءات الفوقية زد على ذلك تسونامي الاحزاب ذات المرجعية التجمعية ومن والاها الذي اجتاح الساحة السياسية متوعدا بلم الشمل والفوز في انتخابات المجلس التأسيسي المزمع القيام بها يوم 23 اكتوبر اذن هذا النبض زرع الامل في النفوس واحيا روح النضال في العقول والقلوب لاستكمال الثورة الى ان تحقق مطالبها وتطهر البلاد من كل دنس لحقها وقطع الطريق عن كل من تسول له نفسه محاولة دحض ثورة كانت حديث العالم ومحل اكبار واجلال منه ضحى خلالها شعب بدمه وبكل نفيس عنده من اجل كرامته وحريته.
تتالت بذلك الدعوات الى تنظيم مسيرات سلمية بالعاصمة وبكل جهات البلاد خلال الايام القادمة والاستعداد لتحدي الة القمع والى توحيد الصفوف ونبذ كل الصراعات الجانبية والهامشية من اجل ان تلملم الثورة اوراقها المتبعثرة وتعيد ترتيبها وتستكمل مهامها في محاولة الى اخراج البلاد من نفق الظلم والاستبداد الذي تريد جيوب النظام البائد حصرها فيه..ودفعها نحو بناء اولى اللبنات في صرح الديمقراطية...
شادية السلطاني
عسى أن تكون هذه البوادر أوّل الغيث إنباء بهبّة جديدة تستأنف ما كان قد انقطع أو بدا كذلك حتّى لا تكون "أحداث تونس" مجرّد فوسين فتحا وأغلقا وظلّت الدّار على حالها.
RépondreSupprimer